من خلال تجميعي لمواد البحث من أخبار و مقالات متعلقة بالعذرية، ظهرت قضية جرائم الشرف كأهم و أكبر قضية يتم التعامل من خلالها إعلامياً مع العذرية و مفاهيم الأردنيين عنها. بعد قراءة هذه المواد لاحظت أن حتى أشد المعارضين لجرائم الشرف من كتاب و صحفيين الذين يكتبون دورياً عن هذا الموضوع لا يفصلون العذرية عن الشرف بطريقة واضحة لا لبس فيها.
ما أعنيه هنا هو أن هؤلاء الكتاب يحاولون الالتفاف حول الموضوع بإسقاط المشكلة على قضايا أخرى متعلقة بها و لكنها غير مركزية, مثلاً التركيز على عذرية ضحايا الشرف كدليل على “براءة” الضحايا مما يعزز قيمة العذرية كدليل على شرف الفتاة:
قال مدير الطب الشرعي في الجنوب د- اعوض الطراونه ان غالبية جرائم القتل اوالايذاء التي تتم بحق الغالبية العظمى من الفتيات بدعوى الشرف تتم دون وجه حق اذ يتبين من خلال عمليات الطب الشرعي التي تجرى لاولئك الفتيات انهن عذراوات ولاتظهر عليهن اثار لاي فعل جنسي .
عمون – محمد الخوالدة
2009-08-31
لفت انتباهي استخدام عبارة “بدون وجه حق” التي يستدل القارئ منها أن هناك حالات يشرع القتل فيها، و أتسائل هنا عن هذه الحالات! أو كمثال اخر شائع في كتابات الأردنيين المناهضين لهذه الجرائم، الإصرار على أن “الخطيئة” لها طرفان اثنان و المطالبة بمعاقبة شريك الفتاة:
واستغرب لماذا لا يحاسب الرجال في ارتكاب هذه الخطيئة وكأن الشرف مرتبط بالفتاة وحدها وهل الرجل لا شرف له ليحاسب عليه كما تحاسب البنت ، وخاصة ان اي فتاة تقتل بدافع الشرف يكون لها شريك في هذه الخطيئة ان ثبتت عليها ولكنها وحدها دائماً من يدفع الثمن الفادح وهو حياتها في هذا المجتمع الذكوري الظالم ودائماً هي الضحية والرجل هو القاضي والجلاد معاً
عمون – ابراهيم الزعبي
2008-08-02
أو التأكيد على أن وراء جرائم الشرف أشياء أخرى غير الشرف، مثل الميراث أو نزاعات عائلية:
الحكومات المتعاقبة كلها دون استثناء اذعنت وصمتت هي الاخرى عن محاولة سنّ تشريع بالعقاب الفاعل والرادع كما صمتت عن الاصلاح برمته السياسي والاجتماعي ودعمت اسوأ اشكال الاصلاح الاقتصاد ولو كانت التشريعات مطلوبة للاسعار او الارباح او لوقف تيار ما لرأيناها تصدر اسرع من لمح البصر ، اما دماء فتياتنا فليس لها ثمن رغم ناقوس الخطر الذي دقّه الف مرة الدكتور مؤمن الحديدي وباقي اسرة الطب الشرعي عن عذرية الضحايا مما يدل على ان وراء القتل اشياء غير الشرف المهدور على كل المنابر الدولية والعربية ويباع كالخس في الطرقات.
الدستور – عمر كلاب
21-02-2009
يظهر من هذه الأمثلة أن الخطاب المستخدم في الإعلام الأردني لا يتحدى الربط بين العذرية و الشرف، أو بشكل أوسع الربط بين حياة المرأة الجنسية و الشرف، و يركز في تعامله مع الموضوع على أمور ثانوية مثل “براءة العذراوات” أو ضرورة معاقبة طرفي “الخطيئة” أو في بعض الحالات يركز على مبدأ سيادة القانون و أن الجريمة مرفوضة في المجتمع المدني، أو أن معظم قضايا الشرف تدور حول أسباب أخرى مثل الميراث. لكنه أبداً لا ينتقد المبدأ الأساسي الذي يحفز جرائم الشرف جميعاً: مبدأ هيمنة الذكر على جسد الأنثى و التحكم به، فلو فقد هذه السيطرة بمجرد “كلام” من الناس عليه أن يثبتها مرة أخرى بمعاقبة الأنثى المخطئة.
كيف سيستطيع المجتمع الأردني أن يوقف جرائم الشرف بينما لا يزال يؤمن بأن للرجل الحق في معاقبة المرأة إذا فعلت أو قيل أنها فعلت أمراً ما “يلوث شرفه” أو يهدده بفقد السيطرة على جسدها؟ متى نقرأ “حتى لو كانت للفتاة علاقة جنسية قبل الزواج فلا يجوز قتلها و يجب معاقبة الفاعل لأقصى درجات القانون لتعديه على حريتها الشخصية و على حياتها”؟